Ads 468x60px

الاثنين، 25 مارس 2013

الثورة الفلسطينية


الثورة الفلسطينية

باسل خليل خضر


مدونة العلوم السياسية
مارس/ 2013

مقدمة
الثورة تحدث في فترات تحسن اوضاع المواطنين كما يقول دوتوكفيل, ويفسر ذلك بأن استعداد المواطنين للمقاومة يزداد في فترات تحسن اوضاعهم, حيث انه في فترة تحسن الاوضاع تكون السلطة اقل حدة في استخدام العنف, والسلطة تقدم مزيد من التنازلات في فترة الاوضاع الجيدة مما يفتح شهية المواطنين على المزيد من التنازلات, فالمعروف ان السلطة تكون اكثر استعداداً لممارسة العنف ضد المواطنين في بداية نشأتها , ولكن مع مرور الوقت تضعف قدرات السلطة الاكراهية وتنمو الرغبة لدى المواطنين في مقاومتها.
يعتبر الوضع السياسي الحالي في فلسطين بمثابة نكبة على الفلسطينيين, ولا يوج اي فلسطيني عاقل يقبل بهذا الوضع السيئ, ولكن هناك تساؤل دائما احاول الاجابة عنه وهو لماذا لا تحدث
ثورة في فلسطين رغم الاوضاع التي تستحق الثورة؟, ولكي استطيع الاجابة على هذا التساؤل بدأت اطرح اسئلة فرعية لهذا التساؤل وهي كالتالي: 1. هل الاوضاع السيئة لا تنتج ثورة؟ 2. لماذا لم تقم ثورة رغم الاوضاع السيئة؟ 3. هل كانت القوة الاكراهية للسلطة سبب في عدم قيام الثورة؟ 4. ما هي طبيعة القوة الاكراهية في فلسطين؟ 5. هل ضعفت القوة الاكراهية في فلسطين؟ 6. ما هو مستقبل الثورة في فلسطين؟. كل هذه الاسئلة سنحاول ان نعطي لها اجابات مبدئية بهدف رسم اطار واضح حول الثورة في فلسطين.
تفترض الدراسة ان الاوضاع عندما لا تكون ثابتة (اما سيئة او حسنة) لا يحدث ثورة, فالأوضاع المتغيرة والمتقلبة تكون سبب في عدم قيام الثورة. وتفترض الدراسة ايضا ان تجدد القوة الاكراهية للحكومات الفلسطينية كان السبب الرئيسي في عدم قيام الثورة الفلسطينية.
ستنقسم الدراسة الى ثلاثة محاور, المحور الاول سيناقش الاوضاع في فلسطين وعلاقتها بالثورة, والمحور الثاني سيناقش القوة الاكراهية للسلطة وعلاقة ذلك بالثورة, اما مستقبل تلك الثورة في ظل الاوضاع والقوة الاكراهية سيتم مناقشته في محور ثالث.
بعض المصطلحات:
القوة الاكراهية: يقصد بها هي قدرة الحكومة على اخضاع المواطنين بالقوة وجعلهم لا يستطيعون رفض الوضع القائم, بما يتنافى مع رغبات المواطنين.
ثبات الاوضاع: او الوضع الثابت, وهي تعني ان يكون المواطنين في حالة ساكنة ثابتة لا تغير في حياتهم ولا اوضاعهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, واما يكون هذا الثبات في حالة سيئة او حالة حسنة.

المحور الاول: الاوضاع في فلسطين
يناقش البعض ان المواطن عندما يشبع يثور وهذا رأي صحيح, حيث ان الفلسطينيين في الانتفاضة الاولى 1987 كانت اوضاعهم جيدة الى ابعد الحدود وقاموا بالثورة, فالبعض يقول هل الاوضاع السيئة لا تحدث ثورة ولكن الواقع ايضاً الاوضاع السيئة تنتج ثورة, ومثال على ذلك في الربيع العربي ثورة مصر وتونس قامت بسبب الاوضاع السيئة التي كان يعاني منها الشعب, واذا كان في الحالتين السيئة والحسنة تقوم ثورة لماذا لم تقوم ثورة في فلسطين واوضاعهم مأساوية, سنحاول توضيح ذلك.
رغم انه لا يود خلاف على ان الاوضاع في فلسطين سيئة, فيجب تبرير لماذا لم تقوم ثورة, ونقول ان الاوضاع في فلسطين ليس سيئة ولا حسنة, بل هي (سيء متغير), نستطيع ان نرجع سبب عدم قيام ثورة الى ان الاوضاع في فلسطين سيئة ومتغيرة, فالمواطن لا يسلم بأن أوضاعه ستبقى سيئة ولا يسلم بأن أوضاعه سوف تتحسن, وهناك عوامل عديدة ايضا يمكن ان تلعب دورا مهماً في الاوضاع الفلسطينية وعلاقتها بالثورة, حيث يمكن للسلطات ان تبرر للمواطن سوء الاوضاع, بإرجاعها الى الاحتلال والى التآمر على الشعب والى الحصار حيث تجيد الحكومات تبرير الاوضاع, وتجيد ايضا زرع الامل لدى المواطن من خلال المساعدات الدولية والانسانية ومن خلال حثهم على الصبر وتلعب الايديولوجيات دورها في تسكين المواطنين على هذه الاوضاع, وهناك تحايل وتلاعب من قبل الحكومات على الاوضاع بحيث لا تجعل المواطن في وضع ثابت, ومن هنا نخرج بفرضية جديدة ان الثورة تحدث بثبات الاوضاع وليس لها علاقة بسوء الاوضاع او تحسن الاوضاع, فعندما يثبت الوضع على حالة سيئة تحدث ثورة وعندما يثبت على حالة جيدة تحدث ثورة, فالأوضاع المتغيرة والمتقلبة لا يحدث بها ثورة, بذلك نكون قد قدمنا اجابة مبدئية على التساؤل لماذا لم تقوم ثورة رغم الاوضاع السيئة في فلسطين.
المحور الثاني: القوة الاكراهية للسلطة
سبب وجود هذا المحور هو ان القوة الاكراهية يمكن ان تكون سبب رئيسي لمنع قيام اي ثورة, لذلك سنتعرف على طبيعة القوة الاكراهية في فلسطين, عندما اتت السلطة الفلسطينية بعد اتفاقية اوسلوا كانت القوة الاكراهية قوية باعتبارها سلطة جديدة, وكان لها قوة اكراه على المواطنين سرعان ما ضعفت هذه القوة بعد انتفاضة الاقصى عام 2000, فلم تدم طويلا حالة الاكراه التي مارستها السلطة وبدأت تتلاشى تدريجياً الى ان استطاعت حماس الانقلاب على السلطة, بعد حكم حماس في غزة اصبحت سلطة جديدة وتجددت بذلك القوة الاكراهية, خاصة بعد احداث 2007 واحداث مهرجان ابو عمار الذي هاجمته حماس, اصبح هناك عملية ردع للمواطنين بذلك زادت القوة الاكراهية لحماس, وايضاً في الضفة الغربية اجهزة الامن جددت القوة الاكراهية على المواطنين في الضفة بعد الانقسام واصبحت كأنها سلطة جديدة مثلها مثل حماس.
بالنسبة لحالة القوة الاكراهية في فلسطين الى تاريخ 2011 كانت القوة الاكراهية ما زالت قوية, والدليل عند قيام الربيع العربي اراد الفلسطينيون ان يقيموا ثورة خاصة بهم ولكن فشلت بسبب قوة الاكراه, ولكن نستطيع القول انه بعد مهرجان فتح في غزة, وبعد احياء حماس لانطلاقتها في الضفة الغربية, ضعفت القوة الاكراهية للحكومتين في فلسطين واصبحت اضعف من ذي قبل  ونجد ذلك عندما ننظر الى الكتاب الفلسطينيين الذين يتهمون الحكومات بالخيانة فحالة الحرية هذه تؤكد وجود ضعف في القوة الاكراهية للحكومات, ونستطيع القول بأن القوة الاكراهية للحكومات السبب الرئيسي في عدم حدوث ثورة ولكن مع هذا الضعف في الاكراه سوف يكون احتمال حدوث الثورة كبير.
المحور الثالث: مستقبل الثورة
بعد مناقشة الاوضاع في فلسطين ومناقشة القوة الاكراهية للحكومات تبين ان الحالة الفلسطينية مختلفة عن بقية حالات العالم, فالأوضاع متغيرة باستمرار وقوة الاكراه متجددة واكثر من ذلك انها موزعة على حكومتين.
فعند النظر الى مستقبل الاوضاع في فلسطين نجد انه يتجه نحو الثبات لكنه ليس ثابت, حيث بعد حصول فلسطين على دولة مراقب تحقق جزأ من الثبات وبعد المصالحة سيتحقق الجزء الثاني, فالمصالحة سوف تقود الاوضاع الى الثبات وهذا سبب من اسباب فشل المصالحة بين حماس وفتح, يتضح ان المستقبل يبشر بثورة فلسطينية وذلك نتيجة الثبات الذي سيتحقق في الفترة القريبة, اما اذا لم تتحقق المصالحة ايضا احتمال ان تحدث ثورة لان الفلسطينيين لم يستطيعوا دفع المزيد من فواتير الانقسام.
وعند النظر الى مستقبل القوة الاكراهية نجد انه في تدهور وضعف تدريجي, حيث ان هناك عوامل جديدة زادت من ضعف الاكراه, مثل محاولة حماس الحفاظ على الحريات لتكتسب مكانة دولية ولكي تحذف مسمى الارهاب عن عاتقها لفتح مجال اوسع في التعاون مع الدول, واحداث انطلاقة حماس في الضفة الغربية واحداث انطلاقة فتح في غزة اضعفت من قوة الاكراه, وايضا ضعف شعبية حماس في غزة وضعف شعبية فتح في الضفة الغربية اجبر الحكومات على تخفيض من قوة الاكراه. هكذا نستطيع القول ان مستقبل القوة الاكراهية اخذ بالتدهور مما يبشر بإمكانية حدوث ثورة فلسطينية في الفترة القريبة.